CLICK HERE FOR THOUSANDS OF FREE BLOGGER TEMPLATES »

تنويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه

أحداث هذه القصة مستوحاة من واقع كليات الطب في مصر وليست من الخيال وان كانت الشخصيات غير حقيقية وانما هي تعبر عن الواقع بكل ما فيه من جيد أو سيء

Monday, June 2, 2008

ممتاز في مستشفي العجائب

حقيقة :
في الطب دائما يوجد من هو اعلي منك
-14-
بعد أن قابل ممتاز المريض الذي قرر توصيله لقسم القلب بالمستشفي سار معه , ماسكا في يده الاشعة ورسم القلب الذين يخصان المريض , الي أن وصلا الي باب المستشفي فاستوقفهما حارس البوابة
رايح فين يا اخ
انا..انا طالب هنا في كلية الطب
طيب اتفضل , ودا مين اللي معاك
دا مريض هوديه قسم القلب
طيب ادخل يا دكتور
شعر ممتاز بنفس الشعور الذي ينتابه كلما ناداه احدهم باللقب "دكتور" ودعا في نفسه ان يتحقق الحلم عما قريب . وسار بصحبة الرجل وأخذ يتلفت يمينا ويساراً كأليس في بلاد العجائب فهذه كانت أول مرة تطأ قدماه ارض مستشفي تعليمي , وكانت المرة الأولي التي يدخل فيها مستشفي كطبيب وليس كمريض , هكذا كان يشعر.
..
لفت انتباهه أعداد المرضي الكثيرة التي راها حتي انه تصور ان الشعب كله مريض وجاء ليتلقي العلاج ,الكل يسير مسرعا , احدهم يجري , هناك بعض الشباب الواقفين يضحكون بصوت مرتفع لا يليق
بمستشفي من الواضح انهم طلبة يحملون بأيديهم بعض الكتب , وأخرين يفترشون رصيف المستشفي ويبدون أيضاً كالطلبة , وعلي الجانب الاخر بعض النساء وقفن يبكين ويصرخن, أم تحمل ابنها المريض
علي كتفيها , رجل عجوز يسير بخطوات متهالكة , بعض المرضي يقفون في شرفات مبني المستشفي
يا ربي , ايه كل دا
قالها ممتاز في نفسه وهو يتعجب مما يري .وكان قد وصل هو والرجل الي مبني قسم القلب , فسأل الحارس
هو قسم القلب في الدور الكام
الدور الرابع علي اليمين
..
وهنا نظر ممتاز فوجد الأسانسير فابتهج كثيرا وتوجه في اتجاهه , ولكن استوقفه عامل الأسانسير قائلا
رايح فين حضرتك
انا طالع قسم القلب
لا من السلم , دا الاسانسير الخاص بالدكاترة
ايوة انا طالب في الكلية ودا مريض معايا
طيب اركب وأمري لله, لما نشوف اخرة الشغلانة دي ايه
..
ولم يدر ممتاز لم يكلمه الرجل هكذا , ربما هو ضغط العمل.. ربما
وهكذا وقف الاسانسير في الدور الرابع ونزل ممتاز والمريض معه , وسار في ممر طويل اصابه بحالة من الذهول , فوقف ينظر من حوله ليري الحوائط وقد تاكل طلائها والارضية التي تحول لونها الي الاسود وان كان بعضها لازال يحمل اثار اللون الابيض الاساسي , العنكبوت الذي يغطي السقف من فوقه , والشبابيك التي يعلوها الغبار , كل هذا لم يزعجه بقدر الرائحة التي كادت تصيبه بالاغماء , لم تكن كرائحة المستشفيات التي زارها من قبل كروائح البنج والمطهرات والادوية وانما كانت مختلفة تماما
..
هو احنا وصلنا يا دكتور
التفت ممتاز علي صوت المريض الذي انقذه من تاملاته
اه اه وصلنا يا حج , ثواني بس أشوفلك حد من الدكاترة
واخذ ممتاز ينظر من حوله منتظرا قدوم احد تلك الكائنات التي ترتدي البالطو الأبيض وتبدو عليها علامات الدكترة" , الي أن رأي احدهم فجري عليه ممتاز فقد كان في عجلة من أمره
..
لو سمحت يا دكتور يا دكتور لو سمحت
نعم نعم فيه ايه
هو حضرتك دكتور هنا في القسم
لا انا امتياز عايز حاجة
وهنا ابتلع ممتاز ريقه محاولاً فهم معني الكلمة . فهل امتياز هذا لا يعني انه طبيب اذا لماذا يرتدي البالطو الأبيض ويبدو كطبيب , ثم أضاءت تلك اللمبة الصفراء فوق رأسه عندما ادرك ان هذا اسمه
اهلا وسهلاً , وانا ممتاز طالب في سنة اولي في كلية طب
انت بتتريق ولا ايه
باتريق ازاي حضرتك , علشان تشابه الأسماء , لا والله انا اسمي فعلا ممتاز علي اسم حضرتك
وهنا لم يتمالك طبيب الامتياز نفسه من الضحك
ههههههههههههههههههه
و اقترب من ممتاز وربت علي كتفه محاولا افهامه
يا ممتاز "امتياز" دا لقب الطبيب في سنة سابعة , يعني بعد ما بتتخرج وتاخد البكالوريوس في سنة 6
بيبقي اسمك امتياز في سنة سابعة اللي هو التدريب في المستشفي
..
وهنا اتسعت عينا ممتاز عن اخرهما وابتسم ابتسامة بلهاء تعلن عن فهمه
ايه دا انا أول مرة أعرف , يعني حضرتك في سنة سابعة , يا سلااااااام مع ان شكلك دكتور بجد , بس هو حضرتك ليه لابس بالطو يعني بتعمل ايه هنا في المستشفي , وظيفتك ايه يعني
هههههههههههههههههههه
ضحك الطبيب ومال علي ممتاز وهمس في اذنه بعيدا عن سمع المريض
احنا هنا بنخدم علي الدكاترة والمرضي ومش بعيد الممرضات كمان ههههههههههههههه
ولم يفهم ممتاز لماذا يضحك الطبيب ولم يفهم اصلاً نوعية الخدمات التي يقدمونها طلبة الامتياز , بل حاول أن يفهم فاستدرك قائلا
يعني حضرتك بتساعد المرضي
حاجة زي كدة ههههههههههههههه
..
وللمرة الثانية لم يفهم ممتاز سر سعادة الطبيب, فتغاضي عن تلك الضحكات التي اعتقد انها من صفات اطباء الامتياز واستكمل حديثه في جدية
طيب انا معايا مريض وهو كانوا طلبوا منه اشعة علي الصدر ورسم قلب ممكن حضرتك تساعده
احم احم لا اساعده ايه بص انت تروح تدور علي النايب د/أحمد دا الراس الكبيرة هنا انا مجرد امتياز غلبان , بص هتلاقيه هناك في الأودة دي علشان انا مش فاضي ورايا مشاوير عايز اعملها في المستشفي
طيب متشكر لمساعدتك , بس ممكن اطلب منك طلب , ممكن رقم تليفونك علشان لو احتجت أسأل عن حاجة ابقي اكلمك , لو مش هيضايقك, انا كان نفسي اتعرف علي حد أكبر مني
بس كدة , اكتب يا ميزو رقم موبايلي , شكلك واد طيب أوي وشكلنا هنبقي أصحاب
....
بعد أن انتهي ممتاز من تسجيل الرقم والسلام علي الطبيب الذي علم ان اسمه "هادي" , اصطحب المريض
وذهبا في اتجاه الحجرة ليبحث عن النائب , ولكنه توقف فجاة وسأل نفسه بصوت مسموع
"نايب!! هو ايه النايب دا؟؟؟
..
ثم تابع سيره حتي وصل الي الغرفة فوجد بها بعض الأشخاص الذين يرتدون بلاطي بيضاء ولم يشأ أن يكرر غلطته السابقة مع طبيب الامتاز فهو الان فاهم وواعي لما حوله , فدخل عليهم يسألهم
انتوا امتياز ولا دكاترة؟!!!
وهنا ضحك كل من بالغرفة , ثم قال له احدهم
انت عايز مين؟
قال ممتاز وقد شعر بالاحراج قليلا
"احم.. أنا عايز النايب أحمد"
ايوة انا عايز ايه؟
وقد تفاجأ النايب بسؤال ممتاز الذي سأله بتلقائية وسذاجة شديدتين:
هو يعني ايه نايب؟
ههههههههههههه
هو انت جاي تسألني يعني ايه نايب
هههههههههههه
لا لا انا جاي أطلب من حضرتك تساعد المريض دا , لانه طلب مني أقراله الأشعة ورسم القلب اللي معاه وانا مش فاهم فيهم حاجة علشان انا طالب لسة في سنة اولي واسمي ممتاز
هههههههه
طيب يا ممتاز اولا نايب يعني لما تتخرج كدة وربنا يكرمك وتجيب تقدير كبير وتطلع من الاوائل هتتعين في المستشفي بس مش معيد هتتعين دكتور هنا وتيجي تقعد جنبنا وتقضي فترة اسمها نيابة في القسم اللي تختاره وتقديرك يسمحلك بيه وبعد كدة بتبقي أستاذ جامعي كبير , يلا بقي اتشطر كدة وهات تقدير كبير علشان تتعين وتبقي زميلنا , وسيب الحاج ده انا هأشوفه عايز ايه
استناني برة يا حج لحد ما اجيلك
ياااااااااااااااه دا الموضوع كبير كبير , متشكر اوي يا دكتور علي مساعدتي ومساعدة المريض دا , بس لية
طلب ممكن؟
خير يا ممتاز
هو ممكن أبقي اجي لحضرتك هنا المستشفي أقف معاك وانت بتشتغل
حسب الظروف لو فاضي ماشي ابقي تعالي ممكن اساعدك , بس مش تستني لما توصل كدة سنة خامسة ولا سادسة وتاخد باطنة وقلب وتبقي تيجي القسم, عموما تعالي بس انا كتير بابقي مشغول وورايا 600 حاجة
طيب متشكر يا دكتور
.....
خرج ممتاز من المستشفي تاركاً خلفه عالما واسعا اكبر مما كان يتصوره , فلم يكن يدرك أن المستشفي التعليمي بها كل ما رأه , كان اليوم بمثابة مغامرة جديدة في حياة ممتاز , نافذة جديدة فتحت امامه علي عالم مليء بالأسرار التي كان لا يعرفها وان كان الي الان لم يعرف سر نوبة الضحك الذي كان ينتاب كل من يحادثه في المستشفي ,ولكنه شعر يومها بأمل يتجدد و بذرة حلم تكبر أمامه , فهو الأن يقف علي ارض صلبة , الان لديه الدافع ليذاكر لكي يتخرج ويقضي سنة امتيازه ثم لكي يصبح نائباً بقسم القلب كدكتور احمد ويري الالاف من اوراق الأشعة ورسم القلب
..

Saturday, May 31, 2008

نهاية وبداية

حكمة
ان كل نهاية هي بداية جديدة , الطبيب لا ييأس أ ب د اً..


-13-


علي عكس ما تصور ممتاز , ففي صبيحة يوم امتحانه لم يكن متوتراً أو خائفاً كامتحانه السابق وانما كان أكثر هدوئا واتزانا. كان كل ما يشغل تفكيره أنه سيري أمل و يعتذر لها عن كل ما حدث فقد مضي وقتاً طويلاً دون ان يكلمها.
*.*.*

عندما دخل المدرج نظر نظرة ماسحة استطاع من خلالها تبين مكان امل والتي كانت تجلس في هدوء بيدها بعض الاوراق التي تقرؤها , وحاول ممتاز الجلوس في مكان قريب منها , الجلوس في المدرج عشوائي وليس بارقام محددة , حتي يتمكن بعد الامتحان من اللحاق بها.
*.*. *
بدأ الامتحان..
حاول ممتاز قراءة الأسئلة فشعر بانها أشياء مالوفة مما قرؤه بالامس فبدأ باجابة اول سؤال. وشاء حظه أن يجلس بهذا المكان حيث خلفه جلس احد الطلبة المزعجين كاد ان يفقد ممتاز اعصابه والذي كان يعرف ممتاز اسما , فممتاز كان مميزا باسمه ومعروف الي حد ما بالكلية

ممتاز ممتاز السؤال الاول... ممتاز ها .. ممتاز طب التاني... يا ممتاز
ولأول مرة يشعر ممتاز بأنه بدأ يكره اسمه و كاد ان يترك اللجنة ويخرج منها ولكن أنقذه احد المراقبين الذي رأف بحاله وأبعد عنه ازعاج الطالب , فحمد الله بعد ان عاد اليه تركيزه.
****
بعد الامتحان شعر ممتاز بسعادة فقد أجاب الاسئلة جميعها علي الرغم من مذاكرته القليلة ولكن وفقه الله في الاجابة , غير انه تذكر بعض الاشياء من السكاشن التي كان يحضرها.
..
توجه ممتاز علي الفور الي حيث تجلس أمل ليلحق بها قبل ان تخرج من المدرج..
أمل ازيك عملتي ايه؟
الحمدلله الامتحان حلو اوي
الحمدلله
أحسن من الامتحان اللي فات بكتير او يمكن احنا مذاكرين أكتر
انا كنت عايز أكلمك من زمان علي فكرة بس ما كانش فيه فرصة
خير فيه حاجة
لا أنا بس كنت عايز اعتذر لك عن اللي حصل في المدرج قبل كدة يوم المحاضرة الاخيرة
اااااااه قصدك علي مرتضي
مرتضي؟؟ انتي عرفتي اسمه منين؟ اه صحيح منا كنت بأقوله يا مرتضي
لا أصل هو جه اعتذر لي بنفسه وقال لي انه كان ما يقصدش اللي حصل وفهمني كل حاجة
..
وهنا صمت ممتاز لبرهة محاولا جمع شتات نفسه , مرتضي سبقه وذهب ليعتذر لها , وهو لا يعرفها , تري لماذا؟ , وهم ممتاز بأن يسألها عن تفاصيل الحديث الذي دار بينهما ولكن قطع حديثه قدوم احد الأشخاص عرف ذلك من خلال تلك الابتسامة العريضة التي ارتسمت علي وجه أمل فنظر خلفه..
..
أمل ازيك عملتي ايه في الامتحان
الحمدلله يا مرتضي حليت الاسئة كلها , بجد مش عارفة أقولك ايه , لولا انك شرحتلي الحاجات دي امبارح ماكنتش هاعرف أحلها
..
شرحلها؟؟ امبارح؟؟ مرتضي؟؟ أنا بأحلم!
قالها ممتاز في نفسه وهو ينظر مذهولا مما يسمع , مرتضي هذا سيصيبه بسكتة قلبية عما قريب , لماذا يحاول تدميره بهذه الطريقة الدنيئة؟!
ممتاز عملت ايه في الامتحان , يا ريت يكون الكتاب نفعك وتكون حليت منه كويس
اااااه ااه اه الحمدلله حليت كويس , ربنا مش بيضيع تعب حد طالما نيته خير
طيب كويس نسيبك احنا لنيتك..
ثم التفت مرتضي الي أمل موجها لها حديثه
أنا زهقت من المدرج عايزين نخرج برة
اه طيب يللا بينا.. سلام بقي يا ممتاز خلينا نشوفك
....
خرج مرتضي بصحبة امل ووقف ممتاز مكانه فاتحاً فاه , وشعر وكأن المدرج واسعا من حوله او انه ينكمش بداخله حتي صار بحجم نملة او اصغر , محاولا ادراك ما يحدث..
أمل ومرتضي وخارجين وشرحلها , كل دا وانا نايم في البيت باذاكر فسيولوجي ومرتضي بيذاكر ازاي ينتقم مني ويرد لي اللي عملته أنا عملت ايه علشان يتعمل فية كدة؟!
..
ضرب ممتاز كفا بكف وخرج من المدرج , وتذكر يومها كلام ابيه الذي قال له ذات يوم انه لازال ببداية حياته وانه سيتعلم الكثير والكثير , فقد شعر ممتاز انه تعلم أول درس من دروس الحياة هذا اليوم , بل أنه تلقي اليوم أكبر صفعة في مشوار حياته القصير فلم يكتفي مرتضي بكل ما فعله معه بل حاول القضاء علي امله ليتركه وحيدا.
..
عندما خرج ممتاز من باب المدرج وقعت عيناه علي مرتضي وأمل وهما يجلسان يتبادلان الحديث والضحكات , حينها نظر لهما نظرة اخيرة ودع بها ممتاز أياماً مضت , ومضي في طريقه , حيث خطا اول خطوة في طريقه الجديد وحياته الجديدة التي قرر ان يحياها بلا أمل وبلا مرتضي.
..
في طريق عودته وبقرب الكلية قابل ممتاز احد الاشخاص الذي استوقفه ليسأله عن شيء..
وحياتك يا دكتور ماتعرفش فيه قسم القلب؟
ابتسم ممتاز قليلا كعادته حينما يسمع أحدهم يناديه بهذا اللقب الذي لطالما احبه وحلم به
لا والله مش عارف
طب هي مش دي كلية الطب؟
ايوة هي دي
طب يا دكتور وحياة والدك تشوفلي اللي مكتوب في التقرير دا , لاحسن انا دايخ بقالي كام يوم ومش لاقي حد يقولي اللي مكتوب هنا
امسك ممتاز التقرير محاولا فهم ما كتب به , ولكن اكتشف انه لم يتمكن من فهم أي شيء مكتوب , فشعر باحراج شديد وخجل من نفسه وهو لم يستطع مساعة هذا المريض , فاعتذر له
معلش اصل انا لسة طالب في سنة اولي
طيب يا ابني ربنا يكرمك يارب وتبقي دكتور كبير كدة وأبقي أجيلك في عيادتك
ربنا يخليك يا حج ويسمع منك
طيب يا ابني انا طلبوا مني اعمل اشعة علي الصدر ورسم قلب وعملتهم تقدر طيب تشوفلي الاشعة كدا , انا حاسس اني عندي حاجة وحشة وهم مش عايزين يقولولي
وهنا تحرك داخل ممتاز شعورا جميلا بمجرد سماعه لكلمتي اشعة ورسم قلب, انساه كل ما مر به اليوم , ها هو حلمه يبدأ في التحقق , انها اشارة من الله أرسلها له ليخبره ان المستقبل امامه وأن حلمه سيتحقق يوما ما , وهنا نظر ممتاز الي الرجل وقد قرر في نفسه أن يبحث معه عن قسم القلب ويوصله بنفسه الي المكان حتي يطمئن عليه , ونظر الي الرجل وقال له في حب
هات حضرتك الاشعة ورسم القلب , وتعالي معايا ندور علي القسم سوا
..

Wednesday, May 21, 2008

تواصل


زوار مدونتي الكرام وأصدقاء ممتاز

بأعتذر عن التاخر في نشر حلقات "حكاية الدكتور ممتاز" لظروف نفسية منعتني من الكتابة وظروف الامتحانات ولكن علي وعد باستكمال الحكاية ان شاء الله في أقرب وقت
انتظروا عودة ممتاز في أول أيام شهر يونية ان شاء الله
وانتظروا أيضا مغامرات جديدة و تحولات ومفاجات جديدة في مسار الحكاية
علي وعد بلقاء قريب وأسألكم الدعاء بالتوفيق

Thursday, May 8, 2008

لحظات مع انا الاخر

قاعدة
اذا دخلت في معركة مع ذاتك فتأكد مسبقاً أنك مهزومُُ مهزوم

-12-
بعد خروج أمل من المدرج , نظر ممتاز الي مرتضي نظرة لوم وعتاب ولا تخلو أيضاً من الغيظ ثم قال له
أنا مش هألومك ولا هاعاتبك علي الكلام اللي قلتله والتصرفات اللي بتعملها لأن اللي واقف قدامي دا مش مرتضي اللي اتربيت معاه , فكر كدة في اللي بتعمله ولما ترجع تاني مرتضي اللي انا اعرفه انت عارف البيت اللي ياما قعدنا فيه سوا
ولم ينتظر ممتاز رداً علي كلامه , بل لملم أشيائه في صمت ومضي في طريقه خارج المدرج تاركاً مرتضي الذي شعر ببعض الخزي من نفسه ومن تصرفه والذي نظر من حوله فوجد نظرات الاحتقار من جميع من كانوا بالمدرج ويتابعون الموقف في اهتمام , فخرج هو الاخر.
**
اما ممتاز فبعد أن خرج ظل يبحث عن امل بالكلية ولكنه لم يجد لها اثر, فقرر الرجوع لمنزله عندما شعر بأن يومه انتهي من قبل أن يبدأ.
**

دخل ممتاز المنزل واستقبلته أمه بقلق بالغ فلم تعهد رجوعه من الكلية في هذا الوقت المبكر
ممتاز ايه اللي رجعك بدري كدة دانت لسة نازل , ايه اللي حصل
مفيش يا ماما بس حسيت اني مصدع شوية
ولم تقتنع امه بكلامه وساورتها الظنون علي عادة الأمهات , فبدات في البكاء-علي عادة الامهات ايضا
فيه ايه يا ممتاز ما تخبيش علية دانا امك
يا ماما مفيش حاجة انا زي القرد اهو , صدعت بس شوية , اعمليلي كباية شاي من ايديكي الحلوين دول وان هابقي تمام
فسحبت امه دموعها واتجهت الي المطبخ لاعداد الشاي
اما ممتاز فدخل غرفته وارتمي علي فراشه يفكر في ما حدث , وكل ما كان يشغله "أمل" , تري بم تفكر الان فدار بينه و بي نفسه هذا الحوار
..
تفتكر يا ممتاز انها زعلت
اكيد طبعا , انت عبيط , اذا كنت انت نفسك احرجت
بس انا ما عملتش حاجة , هو مرتضي اللي احرجها بغباؤه منه لله
ايوة بس متنساش انك وقفت تتفرج وسبته لحد ما كان هيغلط فيها
فيه ايه يا عم بالراحة علية , هي اكيد لما تعرف الحقيقة هتعذرني وتفهمني ومش بعيد اصعب عليها كمان
وايه اللي خلاه اكيد يعني , هو علشان انت معجب بيها فاكرها هي كمان معجبة بيك!!!!
صحيح هي ما شافتنيش غير مرتين ايه اللي يخليها تفكر تكلمني تاني بعد اللي حصل
شفت بقي شفت مش قلتلك
أيوة عندك حق.. يعني انا كدة خسرت امل خلاص
اه خسرتها خلاص .. خلاص خسرتها
يعني ما أروحش اكلمها تاني
افرض رحت تكلمها وكسفتك .. هيبقي شكلك بااااااااااااااايخ اوي
اه صحيح وممكن تسيبني وتمشي
يييييييييييي علي المنظر
عندك حق.. بس ممكن تديني فرصة افهمها واعتذرلها
وممكن ما تقبلش الاعتذار
طب ولو ما قبلتوش هاعمل ايه.. ايه رأيك
أنا شايف انك تنسي الموضوع دا بقي وتحتفظ بكرامتك
انت غريب اوي مالك كدة عمال تحبط فية مش هتقبل مش هترضي شكلك بايخ انا هألاقيها من مين ولا من مين , أمال لو ما كنتش بكلم نفسي يا اخي كان ايه اللي حصل
الحق علية اني بافهمك وأووعيك مش احسن ما اسيبك محتاس
وانت تفهمني ليه اصلا , وانا زيي زيك
بس انا شايف الموقف من برة لكن انت جواه
جوة ايه وبرة ايه انت هتجنني وبعدين هو انت بتشوف اصلا انا غلطان اني اتكلمت مع واحد زيك
..

وهنا دخلت ام ممتاز وأنقذته من المشاجرة العنيفة التي دارت بينه وبين "نفسه" وقد احضرت له كوبا من الشاي وبعض الساندويتشات
ممتاز حبيبي انت كنت بتكلم حد
لا يا ماما انا بس كنت بافكر بصوت عالي
وايه اللي شاغل بالك يا بطل
لا عادي.. الامتحانات , اه الامتحانات هو فيه غيرها
هو انت عندك امتحانات تاني قريب
لا دا لسة بدري , عندي امتحان فسيولوجي يوم15
الشهر الجاي يعني ولا ايه
لا يا ماما يا حبيبتي الشهر دا
الله! هو مش النهاردة 13 بردو ولا انا ناسية

!!
وهنا قفز ممتاز من مكانه , وجري في اتجاه النتيجة المعلقة علي الحائط و فوجيء بان امتحانه بعد يوم واحد
يا نهااااار ابييييييض بعد بكرة وانا مش داري اتاري مرتضي كان عايز الكتاب امبارح , انا كنت فاكر لسة بدري مرتضي كان قايللي ان الامتحان بعد 5 ايام وانا ما سالتش, أعمل ايه اعمل ايه انا دلوقتي
اهدي بس يا ممتاز لسة النهاردة وبكرة يللا اقعد ذاكر بقي ما تضيعش وقت
ما اضيعش ايه؟ ولا ايه أعمل ايه اعمل ايه
وهنا سمع ممتاز صوت "نفسه" مرة اخري يهمس في شماتة
شفت .. أديك ضيعت وقتك أهو في كلام فارغ ومالوش لزمة
انت تخرس خالص انا مش ناقصك
..
وبالفعل قرر ممتاز البدء في المذاكرة لينقذ ما يمكن انقاذه , وقرر تاجيل اعتذاره لأمل ليوم الامتحان فقد رأي انه لابد وان يعتذر لها علي امل أن تتقبل اعتذاره ولا يفقد احترامها وحتي يثبت ل "لنفسه" -انه مش كلام فارغ- ففي قرارة نفسه يشعر بأن أمل ليست مجرد "صدفة".
هل ترون ان نفسه علي حق وانه كلام فارغ ؟ ام انتم من مشجعي ممتاز وقراره؟
في الحلقة القادمة: نفس المكان , وثاني امتحان , بِلا مرتضي
ولكن هناك دائما "أمل"

Monday, May 5, 2008

وسقطت الأقنعة

خطأ :
الطبيب لا يفقد أعصابه أبداً


-11-
قضي ممتاز ما تبقي من يومه بالمنزل او بمعني أدق بداخل غرفته يسترجع كل ماحدث اليوم.
جزء منه حزين لشعوره بفقدان اعز واقرب أصدقائه مرتضي وفي نفس الوقت الجزء الأكبر منه في قمة السعادة , فلم يكن يتخيل ابداً أن تلعب الصدفة دوراً في حياته وها هو الان يفكر بامتنان في تلك الصدفة التي جمعته ب أمل.
لم يستطع ممتاز وضع ما شعر به تجاه امل تحت مسمي معين ولكن كل ما كان يفكر به هو كيف يتمكن من الاقتراب منها اكثر وكيف يمكنه كسب ثقتها واحترامها.
*****

في المساء خرج ممتاز من غرفته لقضاء بعض الوقت مع أبيه وامه اللذان كانا لا يرانه الفترة السابقة حيث كان حبيس غرفته.
وبمجرد ان خرج عليهما تهللت أساريرهما وخاصة أباه الذي لم يره من أكثر من يومين , فكان استقبالهم لممتاز كاستقبال جمهور مشجعي النادي الاهلي لأبوتريكة.

اخيرا يا دكتور وحشناك
ازيك يا بابا , أنا اسف انا عارف اني الفترة اللي فاتت كنت مقصر معاكم بس خلاص من هنا ورايح مفيش تقصير ومفيش حبسة , خلاص افراج
ولا يهمك يا ممتاز المهم دراستك ومستقبلك وانا سمعت من والدتك اخبار كويسة عن الامتحان دا واضح ان دعوات والدتك جابت نتيجة
اه اه طبعا طبعا هو فيه زي دعوات ماما الحمدلله يا بابا , وان شاء الله الامتحان الجاي تسمع اخبار احسن و احسن
-
بس هو انتوا يا ممتاز بتروحوا تعملوا ايه في الكلية , انا يعني لا شايفك بتروح ببالطو ولا سماعة , امال بتروحوا تعملوا ايه
يا بابا السنة دي الدراسة نظري وبس , بناخد مواد كلها نظرية , الحاجات التانية دي لسة بعدين , لسة 6 سنين بحالهم
ياااااااه 6 سنين
-
شهق والد ممتاز وهو يقولها ثم اطرق برأسه قليلا وقال
يا مين يعيش
ربنا يديك الصحة وطول العمر يا ابو ممتاز
قالتها امه ثم نظرت الي ممتاز في خبث الامهات وقالت:
ونشوفه كدة عريس زي القمر
-
فضحك والد ممتاز وقال
يا رب يا ام ممتاز ونشوفه كدة دكتور كبير وناجح
ان شاء الله يا بابا
-
قالها ممتاز ثم سرح بخياله قليلاً في ذلك اليوم الذي سيصبح فيه طبيباً مسئولاً ويتحقق حلمه, ثم تذكر ما قالته والدته فتخيل نفسه وهو في كامل اناقته وفي ذراعه تشبثت عروس جميلة بردائها الأبيض , وفي هذه اللحظة ظهرت امل بصورة تلقائية واحتلت جزء كبير من خياله وافكاره وسأل نفسه تُري هل ستتحقق يوماً هذه الصورة الخيالية وتكون امل هي العروس الموعودة؟؟
****

انتبه ممتاز علي صوت رنين الهاتف فقام من مكانه ليجيب
"الو.. ايوة.. مين؟
-
وفوجيء ممتاز بمرتضي صديقه علي الطرف الاخر
"أيوة يا ممتاز انا مرتضي , ازيك عامل ايه؟
انا كويس الحمدلله , كدة برده يا مرتضي تمشي النهاردة وتسيبني بعد الامتحان , مش كفاية سبتني اقعد لوحدي وما قعدتش جنبي انا ما كنتش هأغش منك بس انت عارف اني كنت متوتر
-
انا.. ان..ااا بص بقي انا فضلت ادور عليك بعد الامتحان بس الدنيا كانت زحمة فمشيت
انا فضلت قاعد مكاني يا مرتضي زيادة عن ساعة ولا شوفتك
ايوة يا ممتاز مهو اصل اللي حصل ان..
خلاص يا مرتضي مش عايز اعرف , اللي حصل حصل
خلاص ما تزعلش مني حقك علية
-
خلاص يا مرتضي حصل خير
المهم بقي يا بطل , انا هأفوت عليك دلوقتي اخد كتاب الفسيولوجي اللي انا ما جبتوش انت عارف الامتحان قرب وانا ما جبتش الكتاب دا
-
اصابت ممتاز صدمة منعته من الكلام لوهلة فها هو الموقف يتكرر امامه مرة اخري , الان فقط عرف سبب هذه المكالمة المفاجأة والغير متوقعة , ولم يستطع ممتاز ان يمنع نفسه فقال لمرتضي
لا انا هنام دلوقتي يا مرتضي علشان بكرة فيه كلية وانا تعبان من الامتحان .. مع السلامة
ووضع السماعة بعنف وطلب من والده ووالدته أن لا يجيبا الهاتف اذا رنّ ثم دخل لينام بغرفته.
********

في الصباح توجه ممتاز الي كليته وحرص ان ينزل قبل ميعاده حتي يتجنب مقابلة مرتضي في الطريق.
دخل ممتاز المدرج ولم يدرٍ بنفسه وبعينيه اللاتي راحت تجول وتبحث في كل ارجاء المدرج عن شيء واحد أو.. شخص واحد
-
وها هي أمل تجلس وحدها في أحد الأركان ولما وقعت عيناه عليها وتصادف أن نظرت هي في اتجاهه في نفس الوقت , ارتبك ممتاز و أدار عينيه عنها بسرعة لئلا تلاحظ نظراته
-
وسار في طريقه وهو يتظاهر ببحثه عن مقعد خالي الي ان وصل الي حيث تجلس امل فتصرف وكأنه يراها لأول مرة
ايه ده!! أمل.. صباح الخير
صباح الخير , ازيك
الحمدلله كويس , وازيك انتي؟ انتي هنا من امتي؟
انا الحمدلله بخير , انا هنا من ربع ساعة و من قبل ما انت تدخل المدرج
-
ابتسمت امل وكذلك ممتاز الذي شعر للمرة الثالثة منذ قابلها بالاحراج , فقد كان واضحا جدا رؤيتها له وهو يبحث عنها بالمدرج
حاول ممتاز ان يخرج من موقفه فسألها
هو الكرسي دا فاضي ولا حد قاعد هنا
لا.. فاضي مفيش حد
فجلس ممتاز بجوار أمل وقد شعر بفرحة داخله فقد كان لكلمة "فاضي مفيش حد" وقع طيب علي قلبه , فجلسا وأخذا يتبادلان الاحاديث في انتظار دخول الدكتور.
****
وفي أثناء اندماجهما , فوجيء ممتاز وكذلك امل بشخص انقض عليهما فجأة موجهاً حديثه الي ممتاز في انفعال
بقي أنا أكلمك أقولك هاعدي عليك تقفل السكة في وشي وحتي ما يهونش عليك تعدّي علية الصبح أنت صاحب انت , وقاعد هنا في المدرج تضحك ولا علي بالك
-
نظر اليه ممتاز في دهشة وذهول ولم يدرٍ بما يجيبه فالتزم الصمت حتي وهو يري في عيون أمل مئات الأسئلة , ولما رأي مرتضي ذلك استكمل حديثه علي امل استفزاز ممتاز ليرد علي كلامه
-
ايه؟ مكسوف من نفسك واللي عملته ولا مش لاقي كلام تقوله يا صاحبي ,ماترد يا ممتاز, ما ترد يا دكتور ممتاز!!
-
كان ممتاز لازال يعاني من أثار الصدمة فكان الصمت هو جوابه الوحيد واكتفي بنظرة وجهها الي أمل محاولاً اخبارها بأنه لاداعي للقلق وكانت عينا مرتضي ترصد الموقف في غيظ شديد لتجاهل ممتاز له فحاول استفزازه اكثر وأكثر
-
ياريت تكون حليت كويس في الامتحان , طبعا نسيت مين اللي خلاك تذاكر ومين اللي فضل وراك لحد ما بقيت بتفهم , نسيت كنت عامل ازاي من اسبوعين وكنت محتاس ازاي , نسيت مين اللي وقف جنبك وشجعك, بس خلاص بقي مين لقي احبابه نسي أصحابه
-
وهنا لم يتمالك ممتاز اعصابه بل صرخ في مرتضي
بس.. بس يا مرتضي كفاية كدة , فيه ايه هو انا علشان ساكت لك هتسوق فيها , احترم نفسك احنا في مدرج مش في الشارع ومعانا ناس مش لوحدنا واللي بتتكلم معاه دا كان صاحبك واخوك لو عايز تتكلم كنت قلتلي وقعدنا لوحدنا نتكلم مش بالطريقة دي
-
وهنا لم تجد امل مفر من ان تلملم أشيائها وتجري خارج المدرج بعد الاحراج الذي تسبب فيه مرتضي لها , فوقف ممتاز مكانه حائراً لا يدري هل يجري ويلحق بها ويعتذر عن الطريقة التي تحدث بها مرتضي أم يستكمل شجاره مع مرتضي ليصل معه الي حل؟!
لو كنت مكان ممتاز ماذا كنت ستفعل؟؟
الاجابة علي هذا السؤال في الحلقة القادمة

Thursday, May 1, 2008

كيوبيد في كلية الطب

ملحوظة : للاطباء ايضاً قلوب

-10-

لم يستطع ممتاز ان يتحرك من مكانه بعد انتهاء الامتحان بل جلس في نفس وضعه واضعا يديه علي رأسه في صمت لفترة من الوقت , مسترجعا في ذهنه كل ما مر به من يوم نتيجة الثانوية العامة.


مرت اشهر قليلة عليه ذاق خلالها الأمرين محاولاً التأقلم علي الحياة الجديدة واكتشف اليوم انه فشل أشد الفشل والدليل هو ما حدث في امتحان اليوم , كان في اشد الحاجة لمن يقف الي جواره ويربت بيديه علي كتفيه انه حتي لم يجد مرتضي صديق عمره بعد الامتحان!! شعر بغصة في حلقه, وكادت تسقط من عينيه دمعة أوقفها صوت ينتحب سمعه يأتي من خلفه.


نظر ممتاز فوجد احدي الفتيات تجلس بنفس الوضع الذي كان يجلس به واضعه يدها علي رأسها وتبكي في حرقة. لم يستطع في البداية تبين ملامح وجهها الذي كانت تخفيه بين يديها , ولكن صوتها كان حزيناً للدرجة التي أنسته حزنه وجعلته يقوم من مكانه متوجها اليها في صمت.


وقف الي جوارها حائراً , فلم تشعر هي بوجوده واستمرت في بكائها , فحاول لفت انتباها الي وجوده بأن حرك احد الأشياء ليصدر عنه صوت نجح في لفت انتباها اليه.
وفي حركة سريعة تنم عن مفاجئتها , رفعت عينيها اليه في ذهول , ثم حاولت مسح دموعها التي كانت تغطي وجهها بدرجة يصعب معها الرؤية.


وبمجرد أن حركت رأسها في اتجاهه شعر ممتاز بارتباك لم يدرٍ ما سببه علي وجه التحديد ولكنه سرعان ما شعر باطمئنان عندما رأي هذا الوجه الملائكي ينظر اليه في براءة تغطيه الدموع التي زادت أكثر واكثر من تلك البراءة , ولم يدر ممتاز بنفسه الا وهو يسالها:
انتي كويسة!!

قالت وهي تحاول حبس دموعها بصوت مخنوق :

الحمدلله

ثم غرقت في دموعها مرة اخري. لم يدرٍ ممتاز ماذا يفعل ولكن كل ما كان يشغل تفكيره كيف يوقف شلال الدموع المنهمرة من تلك العيون الحزينة. فاخرج من جيبه منديلا معطيه اياها وهو يقول

اتفضلي يا...

فمدت يدها تتناول منه المنديل وهي تقول

امل .. اسمي أمل .. متشكرة أوي

فلما اجابته باسمها شعر ممتاز بانها علامة "أمل" وكأن الله أرسلها اليه ليخبره بأن لازال هناك أمل, فحاول ممتاز تجاذب اطراف الحديث معها لعله ينسيها البكاء لفترة:

فرصة سعيدة يا امل , انا ممتاز

اهلا وسهلا , بس تفتكر هي فعلا فرصة سعيدة؟!

وهنا ارتبك ممتاز أكثر فقد شعر باحراج شديدا , ولكنه التمس لها العذر فهي في حالة لا تُلام علي ما تقول , فحاول ممتاز احتواء الموقف باي كلمات


انا عارف انها مش سعيدة , علشان الامتحان بس احسن ما فيها اننا اتعرفنا , علي فكرة انا مليش اصحاب في الكلية او تقدري تقولي اني حاسس ان صاحبي باعني وخصوصا النهاردة وحليت أسوأ حل في الامتحان ,وكنت جاي النهاردة وانا قلقان ومتوتر , وبعد الامتحان كنت حاسس بخيبة الأمل والفشل وحسيت اني اتعس انسان في الدنيا انتي اصلك ما تعرفيش انا تعبت اد ايه علشان ادخل الكلية دي وكنت فاكر اني هاحافظ علي مستوايا بس من يوم ما دخلتها وانا حاسس بالفشل,و لما لقيتك بتعيطي حسيت اني نسيت كل دا , يمكن علشان لقيت حد في نفس موقفي فهانت علية مشكلتي وحسيت انها سهلة وبسيطة او يمكن.. مش عارف..


ولم يشأ ممتاز أن يعطها فرصة لتقاطعه لئلا تحرجه مرة اخري بل فضل أن يخبرها بكل ما كان يشعر به أولاً فاستكمل..

أرجوكي ما تعيطيش , احنا اكيد عملنا اللي علينا وحاولنا بس ملناش نصيب في الامتحان دا , وبعدين لسة السنة طويلة ان شاء الله هنقدر نعوض درجات الامتحان دا , ما تقلقيش


وكانت أمل قد هدأت قليلاً وهي تستمع الي كلماته التي فاجأتها وتنظر اليه في دهشة , فقد حكي لها عن كل شيء وهما قد تعارفا لتوهما ,ولم تدرٍ كيف تجيبه وبماذا تجيبفحاولت جمع شتات نفسها وقالت :


انا مش عارفة أقولك ايه انت كأنك بتتكلم عني , متشكرة اوي لكلامك كله كنت فاكرة انا بس اللي كدة وكنت مخنوقة اوي بعد الامتحان بس انت خرجتني من كل دا

الحمدلله اني قدرت اخرجك من اللي كنتي فيه وانا عملت كدة لاني كنت محتاج حد يخرجني انا كمان من اللي كنت فيه.


وهكذا.. كانت هذه بداية تعارف ممتاز وأمل , فجلسا وأخذا يتبادلان الحديث عن الكلية والامتحان والمذاكرة والتشريح والفسيولوجي فكان الحوار مليئا بالجثث والعظام والدماء والعضلات وجميع اجزاء الجسم المختلفة..


قطع حديثهما صوت الفراش وهو يخبرهما بضرورة الخروج من المدرج لغلقه , فقاما من كرسيهما وفوجئا بالوقت الذي مر في سرعه غير معهودة , فافترقا علي امل ان يلتقوا مرة اخري في الكلية.

***********
عاد ممتاز الي منزله في سعادة لا توصف , فكان يسير في الشارع ويري كل ما امامه يرقص في سعادة كتلك التي تغمره , وكان التفاؤل يملؤه والأمل يصاحبه حتي دخل منزله ورأته أمه في تلك الحالة ففرحت لفرح ابنها وقالت له
الحمدلله شكلك حليت في الامتحان حلو يا ميزو مش قلتلك ربنا مش بيضيع تعب حد

طبعا يا احلي ماما في الدنيا , ربنا يخليلكي لية , دانا حليت حلّ , جاوبت كل الأسئلة , بركة دعاكي يا ماما

خلاص علي كدة هادعي لك كل يوم

لا لا كدة تمام مش عايز دعوات تاني , عايزك بس تدعيلي ان ربنا يوفقني ويديم علية الأمل والتفاؤل اللي انا فيه دا

بس كدة , وانا عندي مين ادعي له غيرك يا ممتاز , ربنا يديم عليه الأمل والهنا والسعادة وأشوفك دكتور اد الدنيا.

****


هل يكون اليوم هو نقطة تحول في حياة ممتاز؟ وهل ستتغير نظرته للحياة وعلاقته بالكلية من اليوم؟ وتري ماذا سيفعل مع صديقه مرتضي؟ وهل سيخبره بما حدث اليوم؟

كل هذا سنعرفه في الحلقة القادمة.. انتظرونا

Monday, April 28, 2008

يوم الامتحان ..حتماً ستُهان!!

اعتقاد خاطيء
طلبة الطب جميعهم ملائكة تمشي علي الأرض

-9-

قضي ممتاز فترة لا بأس بها في محاولة لتجميع ما فاته من مادة التشريح. وبالطبع واجهته صعوبات كثيرة استطاع التغلب عليها جميعا بصبره وارادته واجتهاده المعهود.
وفي خلال الفترة السابقة كانت علاقته بمرتضي صديقه لا تزيد عن تبادل منفعي حتي انها كادت تصل في النهاية لنوع من الاستغلال المادي, فقد انقطعت عنه زيارات مرتضي وحتي مكالماته الهاتفية بعدما اقترض الهيكل العظمي من ممتاز للاستذكار عليه. ولما بدأ يشعر ممتاز بذلك قرر تأجيل التفكير في هذا الموضوع لحين الانتهاء من فترة امتحاناته.

وجاءت ليلة الامتحان التي قضاها ممتاز مستيقظاً طوال الليل يسترجع المعلومات التي ذاكرها , واكتشف ليلتها انه لم يُلم بالمنهج كاملاً وانما هناك بعض الاجزاء التي لم يستذكرها فانهارت اعصابه وهو الذي كان يدخل اي امتحان بعد مراجعه للمنهج لا تقل عن ثلاثة او خمسة مرات!!

استيقظت امه من النوم لتطمئن عليه في سهره فوجدته في حالة يُرثي لها..
ممتاز.. أنت بتعيط, فيه ايه يا حبيبي مالك؟
مفيش يا ماما , اتخنقت بس
أنا أول مرة اشوفك بتعيط من أيام ما كنت صغير يا ممتاز , ايه اللي حصلك بس
أنا ضايع يا ماما , الامتحان بكرة وما لحقتش اخلص
في داهية الدراسة اللي تعمل فيك كدة يا بني , كل ده وما خلصتش , دانت حابس نفسك ليل نهار في اودتك علشان تذاكر , دانا بشوفك داخل الحمام والكتاب في ايدك وبتقولي ما خلصتش , لا حول ولا قوة الا بالله , دانت بقيت ماشي تكلم نفسك وماحدش عارف يكلمك ولا يشوفك, انت عملت اللي عليك كدة , اتكل علي الله يا بني وقوم نام علشان تعرف تركز بكرة وان شاء الله ربنا مش هيضيع تعبك
انام ازاي يا ماما دانا كل ما اغمض عينية اشوف قدامي المنهج كله واللي باقيلي واللي خلصته
انا فاشل فاشل
فاشل ايه بس مش انت اللي تقول كدة أبدا, انت اتحسدت ولا ايه , قوم اتوضي وصلي كدة علشان ربنا يهديك
قام ممتاز وتوضأ وصلي واخذ يدعي الله من كل قلبه ان يوفقه ويهديه فهدات نفسه قليلاُ , وعاد وامسك بالكتاب واخذ يقرأ ويقرأ ويقرأ... حتي راحت عيناه في النوم والكتاب علي صدره.
******

في الصباح الباكر استيقظ ممتاز قلقاً بعد سلسلة الكوابيس التي تلاحقت عليه في الساعات القليلة التي نامها فارتدي ملابسه واستعد للنزول من منزله وفوجيء بمرتضي صديقه ينتظره خارج الباب.

مرتضي!! خير عايز حاجة ولا ايه؟
طيب قول صباح الخير الاول
صباح الخير يا سيدي
صباح النور , مالك كدة بتقولها من غير نفس
اصلي ما نمتش من امبارح وما خلصتش حاجات كتير
ولا يهمك منا قلتلك الامتحان دا مافيهوش حاجة ودرجاته قليلة , انت مالك كدة متنشن
وانت خلصت؟
انا!! اه .. لأ .. يعني فيه حاجات بردو ما لحقتش اخلصها بس عادي يعني هاعمل ايه
ولا حاجة , ربنا يستر انا مش متفائل
لا لا خليك متفائل كدة وما تقلقش كل خير ان شاء الله

دخل ممتاز ومرتضي المدرج , ففوجيء ممتاز بمرتضي يجلس في أبعد كرسي عنه متمنياً له حظاً سعيداً في الامتحان , فجلس ممتاز مكانه متعجباً من تصرف مرتضي وأخذ يردد بعض الأدعية محاولاً تدفئة يديه التي كانت باردة كالثلج من شدة قلقه.

جاءت اللحظة الحاسمة , وتسلم ممتاز ورقة الأسئلة , وبدأ في قرائتها. وقد تفاجأ عندما رأي 10 أسئلة اختياري فقط بالورقة , و10 خانات مخصصة للاجابات المختارة, وتفاجأ أكثر عندما قرأ ان الامتحان من 10 درجات أي ان كل سؤال بدرجة واحدة فقط , وتفاجأ أكثر وأكثر عندما رأي أن الوقت المخصص للامتحان هو 10 دقائق فقط أي انه سيقرأ كل سؤال ويفكر في اجابته ويختار الاجابة في دقيقة واحدة فقط!!
****
بدأ ممتاز في قراءة سريعة خاطفة لورقة الأسئلة بعد تلقيه صدمة ال 10 دقائق!! فكان أول سؤال من ما ذاكره وكذلك الثاني والثالث والرابع والخامس حتي السؤال العاشر , ففرح فرحة شديدة وحمد الله ان الامتحان لم يأتي من الجزء الذي لم يذاكره وامسك بقلمه ليبدأ في حل الأسئلة.

عندما قرأ ممتاز السؤال الأول بتمعن وكذلك الأربعة اختيارات المتاحة امامه شعر بأن أحدهم ألقي بحجر ثقيل علي رأسه , فكانت كل الاجابات تشبه بعضها وكلها من المحتمل أن تكون هي الاجابة الصحيحة علي الرغم من انه ذاكر هذا الجزء جيدا الا انه لم يستطع التوصل الي حل قاطع..
ولما يأس من السؤال الاول قال في نفسه "مش مشكلة نشوف اللي بعده"
انتقل ممتاز الي السؤال الثاني وكله أمل فيه, وللمفاجأة فقد حدث معه كالسؤال السابق فبدأ العرق يتصبب من جبين ممتاز علي الورقة وبدأت يداه تهتزان قليلا من الارتباك, فلما شعر بذلك انتقل للسؤال الثالث محاولاً التقاط أي خيط من الامل..
****
وهكذا قضي ممتاز اكثر من ثلثي الوقت تائها بين الأسئلة العشرة واختياراتها العشرة ولسان حاله يقول "اروح فين وأجي منين!!"
واستحضر ممتاز وقتها مشهد عادل امام في أحد الأفلام وهو محاط بمجموعة من البلطجية تتلقفه صفعاتهم فيما بينهم , وشعر وقتها بانه كمواطن مطحون ذهب لاحد المصالح الحكومية لامضاء بعض الورق فتناقله الموظفين فيما بينهم..
****
لم ينقذه من حالة التوهان سوي همهمات الطلبة من حوله "1-ج , 2-ب و 3-أ ....
مسح المدرج بنظرة متاملة ورأي الطلبة وكل منهم محاولاً انقاذ نفسه فشعر ممتاز ببعض الراحة انه ليس الوحيد التائه في ورقة الأسئلة وفي نفس الوقت كان مصدوماً مما يحدث فلم يتخيل أبداً أن طلبة الطب وأطباء المستقبل يسمحون بالغش في امتحاناتهم!!

فجأة أعلن المراقب عن انتهاء الوقت , فأسرع ممتاز في ارتباك وأخذ يُعلم بقلمه في الورقة علي الاختيارات متبعاً مبدأ "حادي بادي كرنب زبادي"
حتي وصل اليه المراقب وكاد يسحب ورقته فاستسمحه ممتاز في بضع ثواني يستكمل فيها اختياراته , وبعد شد وجذب استطاع ممتاز انهاء الفراغات أمام كل سؤال بعلامة لم يكن يدري ان كانت صحيحة أم لا****
جلس ممتاز في مكانه ولم يتحرك , وأخذت تجمعات الطلبة تنفض من حوله , حتي اصبح وحيداً بالمدرج يحوطه الصمت, واضعا يديه علي رأسه وهو يفكر في كل ما حدث معلناً -بينه وبين نفسه- الحرب علي كل ما يحمل رقم 10.
______
تُري ماذا يفعل كيوبيد في كلية الطب؟ وما المقصود بكيوبيد؟ وهل سينجح في مهمته؟ وما هي طبيعة تلك المهمة؟ و ما علاقة ممتاز بكل ذلك؟؟
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة ان شاء الله

Friday, April 18, 2008

مُجبر ممتاز لا بطل

قاعدة-2-
في البداية تنسي نفسك امام الكتاب بالساعات , ثم تنسي نفسك بعد ذلك باقي العمر
-8-
بعد أن استطاع مرتضي أن يقنع صديق عمره ممتاز بضرورة التعامل مع الهيكل العظمي وخاصة ان امتحان التشريح علي وشك , استطاع ممتاز في فترة ليست بالقصيرة ان يتعود علي وجود الهيكل العظمي في غرفته واستذكار دروسه عليه واستطاع قهر خوفه وقلقه فلم تعد تراوده الكوابيس مرة اخري , ولم يكن ذلك بالشيء السهل عليه ولكنه بعد صراع داخلي عنيف مع نفسه.
اما مرتضي فبعد ان استرد ممتاز منه الهيكل اصبح يزوره هو كل فترة ليستذكر عنده دروسه علي الهيكل فلم يكن قد اشتري واحدا بعد.ومن هنا تغيرت نظرة ممتاز للكلية وللمذاكرة , فاصابه نشاط غير عادي ورغبة في تجاوز ايامه الصعبة التي مضت والعودة بقوة لتعويض ما فاته و لتفوقه ونجاحاته.
****************

بعد صلاة الجمعة , رجع ممتاز وطلب من والدته اعداد كوبا من الشاي و دخل غرفته واغلق بابه عليه منبها علي والدته عدم ازعاجه اثناء مذاكراته.
عندما انتهت الام من اعداد الغداء جلست في انتظار ان يخرج ممتاز من غرفته فالساعة قد قاربت علي الخامسة ولم يتناولوا غداءهم بعد ولكن لم يفتح باب الغرفة ابدا. دخلت الام لتستريح بغرفتها منتظرة ان يتم الافراج عن ممتاز.. وفي تمام السابعه ايقظها والد ممتاز من نومها

يا ام ممتاز اصحي كفاية نوم , هو احنا مش هنتغدي ولا ايه انا عصافير بطني بتهوهو
هي الساعة كام يا حاج
الساعة سابعة وانتوا نايمين , داحنا لو كنا صايمين كنا فطرنا من ساعتين
ياااااااه هو ممتاز لسة ما خرجش ولا ايه
لا ممتاز قافل علي نفسه من ساعتها
يا لهوي , ليكون الواد جراله حاجة وهو قاعد جوة مع العظم اللي جايبهولي ده, روح يا حاج خبط عليه انا قلبي مش مطمن

واسرع والد ممتاز الي الباب وطرقه بعنف وبسرعة مناديا ابنه
ممتاز ممتاز افتح يا ممتاز يا ابني , ممتاز انا ابوك يا ابني افتح

فتح ممتاز الباب متعجبا من تعبيرات ونظرات ابيه والعرق المتصبب علي جبينه
فيه ايه يا بابا خضتني
الحمدلله انت اللي خضيتنا يا ابني , انت في الاودة من الساعة 2 ودلوقتي الساعة 7 احنا ما اتغديناش مستنيينك علشان نتغدي سوا
ياااه سابعة , انا ما حسيتش بالوقت , معلش اصلي كنت عايز اخلص الصفحة اللي في ايدي وبعدين اخرج , دقيقة وهاحصلك علشان نتغدي
انت بقالك 5 ساعات حابس نفسك وماخرنا علي الغدا علشان بتذاكر في صفحة !! طيب يا ابني بسرعة علشان نلحق ناكل

جلس الاب في انتظار الطعام علي احر من الجمر , حتي اتت والدة ممتاز بالطعام , وجلسا الاثنان في انتظار ممتاز الذي جاء بعد قليل ماسكا باحدي يديه كتابا وباليد الاخري شيئا اخر ما ان رأته والدته حتي صرخت في ابنها
ايه يا ممتاز دا , انت مش شايفنا هناكل , ارمي القرف اللي في ايدك دا وقوم اغسلها بالماء والصابون والكلور
يا ماما مفيش حاجة معلش استحملوني شوية اصل الامتحان قرب ولازم اخلص اللي ورايا انا ما صدقت
ايوة يا ابني بس هناكل ازاي وانت حاططلنا ايد واحد ميت جنب الاكل
يا ماما دي عظمة مفيهاش حاجة يعني يللا بالهنا والشفا

وهكذا تناول الثلاثة الغداء بصحبة العظم ولاول مرة , وكان ذلك بداية تغير حياة ممتاز واسرته وتاثرها بدخوله كلية الطب.

في المساء اتي مرتضي لاستذكار دروسه عند ممتاز , فجلسا الاثنان بغرفة ممتاز وبصحبة الهيكل
بس ايه التغيير الفجائي دا يا ميزو , انا ما كنتش فاكرك هتستسلم بسرعه كدة
اه ولا انا بس الحمدلله قدرت اتغلب علي نفسي
اه طبعا , كدة احسن , بس يعني لازم تهتم بالمواد التانية زي التشريح كدة انا سمعت ان هيبقي فيه امتحان فسيولوجي بعد التشريح ب 5 ايام
ياااااه 5 ايام , انا هالاقيها منين ولا منين , دانا يادوب بدأت اذاكر التشريح , اعمل ايه انا دلوقتي
بص انا باقول تذاكر يومين كدة تشريح وبعدين تنقل علي الفسيولوجي , وانا بقول يعني لو مش هتبقي محتاج الهيكل ياريت تبقي تسيبهولي كدة كام يوم , انا محتاجه
طيب وهو انت مش هتذاكر فسيولوجي
لا مانا مخلصه
مخلصه؟؟ ما قلتليش يعني انك بتذاكر فسيولوجي قبل كدة
اه مهو يا ميزو انا لقيتك مش في المود فماحبتش اضايقك وبعدين يعني انا مش مذاكر اوي ده هو كدة بس قراية مع الدرس
اااااااه اه صحيح كتر خيرك , طيب خلاص انا هاشوف وهابقي اقولك كدة

لأول مرة شعر ممتاز بشيء غريب في صدره تجاه مرتضي , مرتضي صديق طفولته الذي لطالما شاركه أسوأ واجمل لحظات حياته , اليوم شعر بأن من يتكلم امامه ليس مرتضي وانما شخص اخر غريبا عنه , وظل يفكر طوال ليله , تري هل احساسه تجاه مرتضي نابع من شيء حقيقي ام انها مجرد مشاعر قلقة ادخلها الشيطان فيما بينهما؟؟

Tuesday, April 15, 2008

ليست صدمة واحدة ولا اثنتان بل.. ثلاثة

اعتقاد خاطيء :
معاناة طالب الطب مع الدروس الخصوصية تنتهي مع الثانوية العامة
-7-
الشهر الثالث لممتاز بالكلية , وقد بدأت تظهر عليه اعراض طالب الطب من يأس واحباط , حالة من التوهان والسرحان والامتعاض والقرف وشعور بالخطر و بالمسئولية ولكنه لم يكن يعلم أية مسئولية بعد ولم يدرك اي خطر قادم.

مامااااااااااااااااااااااااااااا , مامااااااااااااااااااااااااا
بسم الله الرحمن الرحيم , خيراللهم اجعله خير, مالك يا ممتاز , فيه ايه يا ضنايا
نفس الكابوس يا ماما نفس الكابوس انا خلاص تعبت تعبت
لا حول ولا قوة الا بالله , معلش يا حبيبي قوم اشرب مية واتوضي وصلي ركعتين
مش قادر أقوم يا ماما , انا مش قادر اتحرك من مكاني , انا هأتصل بمرتضي واقوله يجيب الهيكل اللي انا اشتريته من عنده , أنا هاروح ارجعه مش عايزه مش عايزه خالص
يا ممتاز ما انت ما رضيتش تخليه في البيت هنا ووديته عند مرتضي وبتروح تذاكر هناك خلاص بقي خليه امال هتذاكر ازاي بس
يا ماما مش قادر انا شهرين علي الحال دا , انا نفسي انام من غير قلق ومن غير كوابيس , بحس اني باتخنق
طيب قوم بس واسمع كلامي وتعالي علشان نفطر قبل ما تنزل الكلية

وعلي مائدة الافطار جلس ممتاز ووالده ووالدته يتناولون افطارهم , اما ممتاز كان في واد اخر
مالك يا ممتاز , ما بتاكلش ليه يابني
هه.. معلش يا بابا مليش نفس
ايه بس يا ممتاز , ايه اللي جرالك , لا بتاكل ولا بتشرب ووشك اسود وعنيك مش باينة , عامل في نفسك ليه كدة بس
معلش يا بابا اصلي ما بانامش كويس
طيب يلا كُل معانا واحنا نفتح نفسك
حاضر يا بابا هاكُل أهو.. ماما انتي غسلتي ايدك كويس قبل ما تحضري الفطار
وانا من امتي ما باغسلش ايدي قبل ما اجهز الاكل يا ميزو , كُل بس وبطل غلبة
نظر ممتاز الي المائدة والي اصناف الطعام ولفت نظره وجود اللانشون والبسطرمة فاثاراه خاصة وانه قاطع اللحوم منذ دخوله المشرحة وصار نباتيا , لان اللحوم تذكره بشكل العضلات التي يدرسها
انا مش عايز لانشون ولا بسطرمة ولا أي حاجة فيها لحمة قدامي , انتو ليه بتحاولوا تستفزوني
**
قالها ممتاز وقام من علي مقعده غضبا , ارتدي ملابسه وذهب لياخذ مرتضي في طريقه الي الكلية
ميزو ايه اخبارك النهاردة , لسة بردو مش بتنام
انا تعبان اوي يا مرتضي ومحدش قادر يفهمني ويقدر مشاعري
مشاعر ايه وتعبان ايه , انت مكبر الموضوع اوي يا ميزو , خد الحياة كدة ببساطة واتعامل مع الموضوع بمنطق علمي بحت , المشاعر دي تسيبها في الدولاب مع هدوم البيت
انا نفسي ابقي زيك كدة بس مش عارف
الحنية دي جبتها منين ياعم, داحنا معانا بنات ارجل منك يابني , تلاقي الواحدة منهم داخلة علي الجثة هتاكلها فاكرة نفسها واقفة في المطبخ وبتنظف فرخة , استرجل شوية يا ميزو بلاش الدلع دا
شفت انت مش فاهمني , الموضوع مش حنية ولا دلع , الموضوع اني بقيت احس اني مش بني ادم
بقولك ايه اجمد كدة وقوللي خلصت كام صفحة من الحاجات اللي علينا
ولا حاجة, انا مافتحتش ولا كتاب ولا قادر اذاكر حاجة ولا عايز اصلا
اااااااااه طيب اسمع كلامي بقي وتعالي احضر معايا الدروس
يا مرتضي موضوع الدروس دا انا مليش فيه مانت عارف , وبعدين انا كان نفسي ادخل الكلية علشان اعتمد علي نفسي بقي واخلص من دروس الثانوية , اقوم ادخل الاقي دروس في طب
بص هو نظام الكلية كدة هنعمل ايه يعني ماحنا لازم ناخد دروس علشان نفهم
طيب وانت هتجيب فلوس الدروس منين من غير زعل يعني
لا ولا زعل ولا حاجة مانت عارف البير وغطاه , شوف يا سيدي انا اتفقت مع الدكاترة هاعمل لهم دعاية وهم هيخلوني احضر ببلاش انا مش هادفع الفين جنيه في كل مادة انا
اااااه علشان كدة بتقولي احضر معاك .. بتعمل بيزنس علية يعني
لا عيب يا ميزو متقولش كدة انا بقولك علشان مصلحتك بس
ماشي يا عم
**
كان ممتاز ومرتضي قد وصلا للكلية ودخلا المدرج في انتظار المحاضرة
مرتضي هو المدرج بقي فاضي كدة ليه , فاكر اول يوم جينا فيه كنا ما بنلاقيش مكان علي الارض علشان نقعد
البركة في الدروس يا ميزو , مين اللي هيضيع وقته في المحاضرات يعني ويا ريتك هتستفيد ادينا بنيجي نحضر ونخرج وقفانا بيقمر عيش ولا بنفهم حاجة , مش عارف ايه اللي عاجبك في المحاضرات وساحبني وراك في كل محاضرة
والله انا بايني خرجت من المدرسة في ثانوي علشان ادخل مدرسة اكبر في الجامعه
**
دخل الدكتور وعلي وجهه ابتسامة عريضة , بعد تقديم نفسه للطلبة أعلن عن ميعاد اول امتحان تشريح في ما تم دراسته في ال3 شهور الماضية فهاج المدرج وارتفع صوت الطلبة بهمهمات متفاجئة

امتحان ايه دا محدش قالنا حاجة يا نهار مش فايت, انا خلاص ضعت ضعت
اهدي يا ممتاز , دا امتحان عبيط بكام درجة وبعدين اسئلته سهلة ان شاء الله ما تقلقش
ما اقلقش ايه يا مرتضي دانا مش عارف شكل الكتاب ايه وبعدين مافيش جدول نزل ولا اي حاجة هو احنا هنمتحن تشريح كدة مع نفسه مش لازم ينزل جدول بباقي المواد وتوزيع الدرجات
بردو هيقولي جدول ودرجات , يا ممتاز احنا مش في مدرسة وبعدين الدكتور قالنا امبارح في الدرس علي موضوع الامتحان
يعني انت كنت عارف وما قلتليش
لا ..اه انا بس ما كنتش عايز اخضك
لا تخضني ايه , انا ما باتخضش , انا مافيش حاجة تهزني ابدا ,انا جامد جدا , انا مفيش مني اتنين انا مش خايف خالص انا مش قلقان انا كويس جدا انا... انا عايز اروح

Thursday, April 3, 2008

هو الانسان ايه غير شوية عظام فوق بعض

اعتقاد خاطيء
طالب الطب يحمل في جيبه مشرط ومقص لتشريح الجثث
-6-
مضي 5 أسابيع حاول فيهم ممتاز محاولات بائت كلها بالفشل لفهم ما يحدث من حوله وكان اخرها شراء كتاب الفسيولوجي وبعده كتاب التشريح الذي تكررت معه ماساة الفسيولوجي , فقرر ممتاز ان يبدأ مذاكرة مع بداية "السكاشن" العملية حتي يتمكن من الربط بين النظري والعملي.

بعد انتهاء المحاضرات جلس ممتاز بجوار مرتضي محاولا التظاهر بان الامور تحت السيطرة وان الوضع علي ما يرام
-ايه الاخبار يا مرتضي , عملت ايه , ذاكرت حاجة من الكتب اللي اشتريناها
-لا لا مذاكرة ايه دلوقتي انا مش هبدأ اذاكر الا بعد شهرين تلاتة كدة اكون اخدت علي الجو
-انا كمان قلت اني مش هبدأ الا بعد السكاشن , مش النهاردة فيه سكشن تشريح
-اه يا ميزو وهندخل المشرحة زي ما قلتلك
-انا مش مرتاح للموضوع دا , طيب هو احنا هنعمل ايه جوة , هنشرّح يعني وكدة ولا ايه انا مش فاهم , وبعدين هو احنا هنشوف جثث بجد
-لا انا سمعت اننا هنتفرج بس واكيد فيه جثث امال انت عايزهم يجيبولك ايه في المشرحة عرايس بلاستيك , عموما كلها نص ساعة وهتشوف بنفسك
وبعد نصف ساعة

وقف ممتاز علي باب المشرحة وبجواره مرتضي محاولاً جذبه من يده وجره الي الداخل
-يللا يا ممتاز ادخل السكشن هيبدأ , هتفضل واقف كدة
-الريحة صعبة أوي يا مرتضي مش قادر..اففففف
-ايوة هي صعبة شوية هو انا قلتلك داخلين الجنينة عادي يعني دا الفورمالين ما كل الناس واقفين اهو , يللا
-طيب طيب هادخل بس ادخل انت الاول وقوللي شفت ايه جوة
-فيه ايه يا ممتاز ايه الرعب اللي انت عامله دا , يابني احنا في الكلية مش في فيلم رعب

وبعد محاولات من مرتضي دخل ممتاز المشرحة لأول مرة , يقدم ساق ويؤخر الاخري , وهو يتلف يمينا ويسارا , وكان أول ما وقعت عليه عيناه "قدما انسان" تظهر من تحت غطاء يغطي باقي جسده الممدد , كانت قدماه داكنة اللون ذو شكل غريب.
-مرررتضضضي مررررتتتتضضييييي هووو هووو هووو اييه الي هناااك دددا
-فيه ايه مالك بتهوهو كدة ليه , دي جثة وكل الترابيزات دي عليها جثث بس متغطية , تقريبا علشان مش عايزنا نخاف من اولها ههههههههههه
-جثث , يعني كل المتغطيين دول ناس ميتين , وبتضحك!!
قالها ممتاز ودقات قلبه تعلو علي صوته
-بص يا ممتاز دا جزء من دراستنا وبعدين عادي يعني ايه يعني جثة , تعالي تعالي نروح نتفرج
اسرع مرتضي الي احد الجثث المغطاة وخلفه ممتاز الذي لم يتركه للحظة كطفل متعلق بطرف ثوب امه كيلا لا يضيع, وقام مرتضي فجأة بكشف الغطاء عن وجه الجثة...
-لااااااااااااااااا
صرخ ممتاز , صرخة التفت لها جميع الموجودين , وقفز من مكانه ثم بدأ يتراجع الي الخلف وهو يردد
-لا لا لا
ولم يكن يدري انه يتراجع نحو منضدة تحمل جثة اخري , اخذ في التراجع الي ان لمس ظهره شيئا صلبا فاستند عليه ثم شعر برائحة الفورمالين تخنقه واخذت الدموع تنهمر من عينيه تأثرا به , فأدار رأسه ليجد نفسه وقد استند علي احدي الجثث.
********
-ممتاز انت شايفني, يا ممتاز لو سامعني رد علية , الدكتور دخل
-مرتضي .. ايه دا انا فين
-انت في المشر.. قصدي احنا عندنا سكشن دلوقتي انت تعبت بس شوية , يلا فوق علشان الدكتور دخل وهيشرح
وقف الدكتور حول احدي الجثث , فالتف حوله الطلبة الذين كان عددهم يفوق المكان بكثير فوقفوا خلف وتحت وجنب وامام بعضهم حول الجثة -في وضع اشبه بطابور الجمعية يوم توزيع الفراخ قبل انفلونزا الطيور-, فاحضر ممتاز احد الكراسي ووقف علية ليستطيع رؤية الدكتور وهو يشرح.
بدأ الدكتور في تقديم نفسه ثم فتح شنطة واخرج ما بداخلها والذي كان عبارة عن مجموعات مختلفة من العظام الادمية المفككة , وبدأ في الحديث عن عظام الكتف والساعد شارحاً تكوين العظمة وشكلها ووصفها والعضلات المرتبطة بها و......
ومن اعلي وقف ممتاز مذهولا من الطلبة المنكبين علي بعضهم والمجتمعين حول الجثة كالضيوف الذين تجمعوا حول "ديك رومي شهي" علي مائدة الغداء , ومذهولا من الدكتور الذي وقف يشرح وبيده العظام كمن يتلاعب ببعض قطع "الميكانو" , ونظر من مكانه المرتفع نظرة فاحصة للمكان فوجد الجثث المغطاة بغطاء قصير يظهر بعض الجثة وهناك بعض العظام علي احدي الكراسي , كادت تخنقه رائحة الفورمالين , شعر بالاعياء وبالارض تدور من حوله فجري خارج المشرحة واضعا يده علي فمه.

عندما خرج مرتضي ووجد حال ممتاز تعاطف مع صديقه الذي كان في حالة يرثي لها
-ممتاز خرجت ليه بدري الدكتور كان لسة ما خلصش
-ما قدرتش استحمل الموقف , ايه القرف دا, انا حاسس اني مش بني ادم
-انت مكبر الموضوع كدا ليه , ياممتاز احنا لازم ندرس الكلام دا علشان نقدر بعد كدة نعالج الناس العايشين
-وهو لازم يبقي بالطريقة دي , انت مش شايفنا كنا ملمومين علي الجثة ازاي زي ما نكون هناكلها , والدكتور شفته ماسك العظم ازاي كانه ماسك سلسلة المفاتيح بتاعته مش عظم بني ادم زيننا , لا لا لا انا ما كنتش فاكر الموضوع كدة خاااااالص
-منا قلتلك يا ممتاز , عموما بكرة تتعود انت بس علشان لسة اول مرة , فاتخضيت , امال بقي لما تشتري الهيكل وتحطه عندك في البيت هتعمل ايه
-هيكل , هيكل ايه؟
-ماهو احنا لازم هنشتري هيكل عظمي علشان هندرس عليه , لازم ندرس العظم بالتفصيل
-نعم؟؟؟ ودا هشتريه من اي مقبرة؟؟
-لا لا هو بيتباع هنا في الكلية , باسعار مختلفة , انا سمعت انه بيبدأ من 300 جنيه
-يا سلام , انا كنت فاكر هنشتري عظم بلاستيك , مش متخيل ازاي هاشتري عظم كان عايش بيه انسان مات واندفن , ايه دا
-ممتاز خد الموضوع ببساطة وبكرة هات الفلوس علشان نشوف هيكل كويس نشتريه , قبل الهياكل الكويسة ما تخلص وما نلاقيش الا المكسر والاي كلام
-اه وماله , علشان برضه نلحق الاوكازيونات.

عندما رجع ممتاز الي منزله , دخل الي غرفته في صمت وجلس علي سريره يسترجع احداث اليوم , ويتخيل شكل الدكتور وبيده العظمة يشرحها
...
دخلت امه بعد ان طرقت الباب ولم يجب:
-ممتاز مش هتقوم تتغدي , دانا عاملالك أكلة بتحبها يا حبيبي
-مليش نفس يا ماما مش قادر أكل
-لا مانا لو قلتلك عاملالك ايه هتقوم وتنط من السرير , عاملالك كوارع
صرخ ممتاز في وجه والدته وربما لأول مرة..
-كوارع لاااااااااااااااا مش عايز اي حاجة فيها عظم حرام عليكووووو

Sunday, March 30, 2008

يا فرحة ما تمت خدها الكتاب وطار

اعتراف واجب
طالب الطب قبل الكلية موس مذاكرة وبعد دخول الكلية منشــــــار

-5-

كانت فرحة ممتاز بأول كتاب طبي يشتريه لا تقل عن فرحة الشعب المصري بفوزه بكأس افريقيا , فحب الكتب بدأ معه منذ صغره , الكتب تجري مجري الدماء في عروقه , بل انه يتخيل ان حياته مجرد أوراق بين جلدتي كتاب.

علي مائدة الغداء جلس الوالد والوالدة وجلس ممتاز.
عامل ايه في الكلية يا ممتاز يا ابني-
سأل والده
-الحمدلله يا بابا كله تمام
-هو ايه يا ممتاز اللي انت حاطّه جنبك ده
-اه ده اول كتاب يا بابا اشتريته النهاردة كان نفسي يبقي كتاب اشعة ورسم قلب
-طيب علي بركة الله ايوة كدة علشان اتطمن عليك , واي حاجة تحتاجها قولي علي طول
-ربنا يخليك يا بابا

بعد تناول الغداء في اسرع وقت ممكن , طار ممتاز الي غرفته ومعه كتابه , واغلق باب الغرفة , ووضع الكتاب علي مكتبه وهو يقول في سعادة
-أخيراً بقينا لوحدنا
بعد أن اعد ممتاز نفسه للمذاكرة واغلق النوافذ وأسدل الستائر ,جلس علي كرسيه وبدأ بقراءة ما كُتب علي غلاف الكتاب. فهم ممتاز ان الكتاب لمادة "الفسيولوجي" وحاول أن يتذكر من المحاضرات معني كلمة "فسيولوجي" فلم يستطع.
وحتي لا يضيع وقته قام واتصل بصديقه مرتضي
-مرتضي باقولك ايه , هو الفسيولوجي دا اللي هو ايه
-نعم , انت مش عارف لحد دلوقتي ,طيب مش مهم , بص دي المادة اللي بتتكلم عن وظائف الجسم , والميكانيزمات اللي بيشتغل بيها..فهمت؟
-اه اه طبعا فهمت انا بس كنت ناسي , يلا روح ذاكر بقي ما تضيعش وقت, سلام
-سلام
وضع مرتضي السماعة علي الطرف الاخر مندهشا من حماس ممتاز وقال في نفسه
-هو ماله مستعجل علي ايه؟

اما ممتاز فقد عاد للجلوس علي كرسيه وقلب الغلاف ليبدأ في قراءة أول صفحة.
لم يفهم معني العنوان فقال في نفسه
-مش مشكلة اكيد لما اقرا الموضوع هافهم اكتر
ثم تابع قرائته في حماس
بعد حوالي ساعة من محاولاته لاختراق اسوار الفسيولوجي التي باءت كلها بالفشل , قام ممتاز الي المكتبة وتناول القاموس الطبي الذي اهداه له خاله بمناسبة دخوله كلية الطب.
بدأ ممتاز في ترجمة الكلمات كلمة كلمة في نشاط وسعادة.
وبعد حوالي ساعة اخري كان ممتاز قد انتهي من ترجمة نصف صفحة بالكتاب , نظرالي الكتاب فوجده مشوها فكل كلمة فوقها كلمة اخري -الترجمة- فتغاضي عن ذلك وبدأ في القراءة بعد الترجمة قائلا
"مش مهم المهم اني افهم لما اقرا.
وانقضت ساعة اخري , وكان ممتاز قد بدأ يشعر بالتعب , فنظر في ساعته , 3 ساعات مضت وهو بالغرفه , نظر في كتابه نصف صفحة فقط والتي أدرك بعد ترجمتها انها مجرد مقدمة عن الكتاب فشعر وقتها وكأن أحدهم "قاعد جوة الكتاب ومطلع له لسانه وهو يردد كان غيرك أشطر".
نهض ممتاز عن كرسيه هاربا من اللسان واخذ يتجول في غرفته ذهابا وايابا وهو يردد كالمجنون
-نصف صفحة في 3 ساعات ولا 3 ساعات في نصف صفحة , نصف صفحة في 3 ساعات ولا 3 ساعات في نصف صف..
قاطعته امه التي دخلت لتطمأن علي ابنها الذي ذهب ولم يعد من 3 ساعات وهو حبيس الغرفة وتفاجات به يهذي
-ميزو فيه ايه يا حبيبي , انت تعبان , مالك يا ممتاز
-ماما..هو انا بقالي 3 ساعات هنا مش كدة
-ايوة مانا علشان كدة دخلت اتطمن عليك , انا وباباك قلقنا عليك اوي
-اااااااااااااه ..يعني نصف صفحة في 3 ساعات ..لا لا ما تقلقوش خالص انا كنت بافك الخط قصدي كنت بافك الطلاسم اللي في الكتاب
-خط ايه وطلاسم ايه , انا ما بقتش افهم منك حاجة من ساعة ما دخلت الكلية دي , مرة ترجعلي مسخسخ ومرة بتغني للكتاب ومرة ادخل عليك الاقيك بتهلوس , اوعي يا ممتاز تكون بتتعاطي حاجة كدة ولا كدة دانا كنت اموت يا حبيبي
-لا لا يا ماما بعد الشر عليكي انتي مخك راح لبعيد أوي انا كويس ما تقلقيش , انا حتي لو فكرت اتعاطي حاجة هاتعاطي امبول فسيولوجي , حباية تشريح.. أو لو سبتوني كمان تلات ساعات هنا لوحدي ممكن واحتمال ساعتها يبقي
سم وارتاح

Thursday, March 27, 2008

الحقوني بكتاب!!

نصيحة
في كلية الطب لا تنسي أبداً ان: "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة"


-4-

مر أسبوعان علي بداية الدراسة , وفي كل يوم يذهب ممتاز ومرتضي الكلية لحضور المحاضرات التي كانت تبدأ في الثامنة صباحا, ولكنهما كانا يحرصان علي التواجد بالمدرج من السابعة حتي يستطيعا ايجاد مقعدين خاليين للجلوس عليهما.

في السابعة والنصف وصل ممتاز ومرتضي الي المدرج , وكانا ينهجان وتظهر عليهما اثار التعب.

"عاجبك كدة يا مرتضي الساعة بقت سابعة ونصف مش هنلاقي مكان نقعد فيه انت اللي اخرتنا النهاردة"
-ما تقلقش يا ممتاز ما اتأخرناش كتير يعني , اللي يسمعك كدة يقول المحاضرة بدأت خلاص , دا لسة فاضل نصف ساعة
-نصف ساعة طيب ابقي قابلني لو لقينا مكان.. هيكون مصيرنا علي السلم ومش بعيد ما نلاقيش مكان عليه كمان
-طيب تعالي بس
قالها مرتضي وهو يمد يده ليمسك يد ممتاز ويدخلان المدرج , وللعجب فقد وجداه خاليا الا من بعض الطلبة فقال مرتضي متبسما
-مش قلتلك اهو المدرج فاضي اهو
-ايه ده انا مش مصدق
-ها تحب نقعد فين بقي
-تعالي نقعد قدام , ولا اقولك خلينا في النص احسن

اتجها الي مكان بمنتصف المدرج , وما ان وصلا حتي خاب أملهما , فقد وجدا كتاب أو كشكول علي كل مقعد مما ينم عن ان المقاعد كلها.. محجوزة

صعدا درجة للخلف فوجدا الصف بالكامل محجوز ايضاُ وهكذا كلما صعدا درجة وجداها محجوزة حتي وصلا الي اخر صف بالمدرج , فانهار ممتاز قائلا
-انا نفسي أفهم الكراسي دي مين اللي حجزها , فين الناس , المدرج فاضي مش كدة يا كابتن مرتضي
-يا ممتاز وانا اعرف منين ان الناس سايبة كشاكيلها من امبارح علشان تحجز , والا يمكن بعتوا حد يحجزلهم , او دافعين رشوة بقي لعم بيومي الفراش علشان يحجزلهم ومش بعيد يكونوا لسة نايمين في بيوتهم , حاجة تجنن.

استسلم ممتاز ومرتضي للأمر الواقع فلم يكن هناك مفر من الجلوس علي السلم وقد كان , اذ ان المحاضرة كانت علي وشك البدأ فقد دخل الدكتور وازدحم المدرج فجأة حتي صار يعج بالطلبة..

بعد مرور وقت ليس بالقليل وأثناء المحاضرة همس ممتاز لمرتضي في أذنه
-مرتضي هو انت شايف حاجة؟
-لا يا ممتاز
-طيب
قالها ممتاز في استسلام وحاول متابعة الشرح والاندماج مع صوت الدكتور عوضاً عن رؤيته
ثم مال ممتاز مرة أخري علي مرتضي وهمس مرة اخري في اذنه
-مرتضي هو انت فاهم حاجة؟
-لا يا ممتاز
-طـــــــــيب
قالها ممتاز متنهداً معطياً انطباعاً بانه يشعر بالملل خاصة بعد ان نظر من حوله فوجد الكل منهمك مع الدكتور, بعض الطلبة يكتبون ورائه باوراقهم غير اولئك الذين يتصفحون بعض الكتب
وللمرة الثالثة همس ممتاز لمرتضي
-مرتضي مش دا الدكتور اللي دخلنا أول يوم في الدراسة؟
-أيوة يا ممتاز هو
-طـــــــــــــــــــــــــــــــيب

قالها ماسحاً وجهه بيده ناظراً الي سقف المدرج وظل علي هذا الوضع فترة من الوقت حتي لا يزعج مرتضي مرة اخري

-أشوفكم مرة تانية ان شاء الله
قالها الدكتور كالعادة معلنا انتهاء المحاضرة وهنا لم يستطع ممتاز أن يتماسك اكثر من ذلك فانفجر في وجه مرتضي بصوت سمعه كل من بالمدرج
-لا مهو اللي بيحصل دا ما ينفعش انا مش هاقدر استحمل أكتر من كدة , داحنا بقالنا اسبوعين في الكلية , وبنيجي كل يوم وبنحضر , وبنقعد نفس القعدة وبنسمع كلام شبه بعضه ويمكن يكون نفس الكلام , انا حاسس اني زي الأطرش في الزفة يا مرتضي
أنا عايز أعرف فين الأشعة؟
فين رسم القلب؟
أنا عايز أعرف دلوقتي حالا الدكتور دا كان بيشرح ايه؟

لم يدرٍ مرتضي ماذا يفعل في البداية لمحاولة تهدئة ممتاز الذي أدهش كل الحضور بالمدرج الذي غطاه الصمت بعد ان سكت جميع الحاضرين, فجذبه برفق الي خارج المدرج متجنباً الفضيحة وقال له في هدوء
-مش كدة يا ممتاز اهدا شوية ايه اللي حصلك فضحتنا, احنا لسة يا عم ما بقالناش اسبوعين داحنا لسة بنتعرف علي الكلية وجو الكلية
-انا خلاص اتعرفت واتشرفت عايز احس بقي اني باعمل حاجة في دنيتي , مش كدة يا عالم, انا ما عنديش وقت اضيعه في اني اتعرف , كل يوم اقول هافهم , كل يوم اقول الوضع هيتغير ومافيش فايدة , ايه هافهم امتي لما الاقي الامتحانات علي الابواب , دانا جايب كشكول 300 ورقة ما كتبتش فيه غير اسمي من اول السنة لاني مش فاهم حاجة علشان اكتبها , وبعدين دا احنا حتي الكتب لسة ما استلمنهاااااش لحد دلوقتي!!!

وهنا لم يتمالك مرتضي نفسه من الضحك
-نستلم الكتب ههههههههه ايه يابني انت محسسني اننا لسة في المدرسة ناقص تقوللي ننزل نشتري كراريس 9 أسطر ومربعات ونجلدها ههههههههه, مش بس لما نعرف المواد اللي علينا واسامي الكتب علشان نشتريها من المكتبة, أقولك احنا نروح النهاردة نسأل ونشتري أي كتاب والسلام علشان بس تطمن , وانا سمعت ان السكاشن العملي هتبدأ من الأسبوع الجاي , يعني خلاص هانت اكيد لما تبدأ هنفهم أكتر وهنعرف راسنا من رجلينا.

وهنا اقتنع ممتاز الي حد ما واطمأن الي كلام مرتضي فهدأ قليلاً , خاصة وانهما ذهبا لشراء احد الكتب كانوا قد رأوه في ايدي الطلبة .

ولأول مرة منذ دخوله الكلية شعر ممتاز بانه "طالب" يحمل كتاب وعاد الي بيته سعيدا كطفل فرحاً بملابس العيد الجديدة , ودخل علي أمه التي -لم تعد تدري ماذا حلّ بابنها منذ دخوله الكلية- وهو يُردد في انسجام
-معايا كتاب.. معايا كتاب ..
تراتاتا ..تراتاتا